مقالات

إبراهيم أخياط يفوز بالجائزة التقديرية للثقافة الأمازيغية برسم سنة 2009 والصحفية بالجريدة رشيدة إمرزيك بالجائزة الوطنية للإعلام والإتصال

 نظم المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، حفلا لتسليم جوائز الثقافة الأمازيغية برسم سنة 2009. بالمسرح الوطني محمد الخامس بالرباط وذلك بمناسبة تخليد الذكرى التاسعة لخطاب الملكي بأجدير، وتأسيس المعهد الملكي. وتميز الحفل بحضور شخصيات محلية بارزة كالسيد وزير الثقافة والسيد عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية والسيد الطيب العلج، بالإضافة إلى مجموعة من الشخصيات من مجال الفكر والثقافة ومجالات أخرى. وذكر محمد المنور، رئيس لجنة الجائزة الوطنية للثقافة الأمازيغية، في كلمة ألقاها بالمناسبة، بأهم أهداف المعهد، التي تتمثل في تنفيذ السياسات المعتمدة في هذا المجال، والعمل على إشعاع الثقافة الأمازيغية في الفضاءات الاجتماعية، والثقافية، والإعلامية، وطنيا، وجهويا، ومحليا. وأضاف أن من بين هذه المهام، أيضا، جعل المعهد قطبا مرجعيا، والمساهمة في الحفاظ على الثقافة الأمازيغية، والنهوض بها في جميع تعابيرها، مبرزا أن الجائزة الوطنية تدخل في هذا الإطار. وسلمت بالمناسبة الجائزة التقديرية للثقافة الأمازيغية للباحث الأمازيغي، ورئيس جمعية البحث والتبادل الثقافي، الأستاذ إبراهيم أخياط والتي تسلمها نيابة عنه إبنه وكانت لحظة تسلمه الجائزة لحظة مؤثرة جدا. وسلمت، أيضا، خلال هذا الحفل، الجائزة الوطنية للفكر والبحث للصافي مومن علي، والجائزة الوطنية للإبداع الأدبي لكل من فؤاد أزروال، والحسن زهور، والجائزة الوطنية للترجمة لكل من العربي مموش، وعمر أفا، وإبراهيم شرف الدين. كما تسلم الجائزة الوطنية للتربية والتعليم عبد الله أزنتو، والمصطفى عقاد، وإبراهيم بخشين، ونادية كجى، وإدريس يشو، وإبراهيم عزيزي، فيما تسلمت كل من رشيدة إمرزيك، صحفية ب»العالم الأمازيغي»، وخديجة عزيز، ، الجائزة الوطنية للإعلام والاتصال. أما الجائزة الوطنية للفنون صنف الأغنية العصرية تسلمها امبارك والعربي، وفي صنف الأغنية التقليدية لحساين موحاج (بومية)، وفي صنف الرقص الجماعي فرقة احمامن عين الشكاك (صفرو)، وفرقة شباب ماخفامان بجماعة أساكي (تارودانت). وعادت الجائزة الوطنية للفنون في صنف المسرح لفرقة «فوانيس» بورزازات عن مسرحها «بوتارشومين»، وفرقة «البديل المضيء» من الخميسات عن عملها الركحي «أبريد أقورار»، وحاز الجائزة الوطنية للفنون صنف الفيلم الأمازيغي كل من عبد اللطيف أفضيل عن فيلمه «تتفاحت تزواغت» (التفاحة الحمراء)، ومراد خلو عن عمله السينمائي «أييس إينو» (حصاني)، فيما عادت الجائزة الوطنية للمخطوط الأمازيغي لمحمد كنبارك. وخلال ندوة صحفية نظمها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بالمناسبة، أكد أحمد بوكوس، عميد المعهد، أن النهوض بالأمازيغية يستوجب تضافر جهود الجميع، من مؤسسات ومنظمات وأفراد وجماعات، معتبرا أن إدراج الأمازيغية في مختلف السياسات العمومية المغربية، لا سيما في مجال الإعلام والتعليم، يشكل مكسبا مهما للمملكة. وأعرب، في هذا الصدد، عن ارتياحه لتحول الحديث من إدماج الأمازيغية في المشروع المجتمعي الوطني إلى الحديث عن الطرق الإجرائية لتنفيذ الإرادة السياسية، التي عبر عنها صاحب الجلالة الملك محمد السادس سنة 2001 في السياسات العمومية. . ودعا إلى ضرورة الإنخراط في الأوراش المؤسساتية الرامية إلى النهوض بالثقافة الأمازيغية. وأوضح بوكوس، فيما يتعلق بوضعية اللغة الأمازيغية داخل المنظومة التعليمية، أن نسبة متعلمي هذه اللغة تمثل حاليا 10 في المائة من التلاميذ بسلك التعليم الابتدائي، كما أن عدد الأساتذة وصل إلى1200، والأقسام حوالي أربعة آلاف، فيما بلغ عدد المسجلين في مسالك الدراسات الأمازيغية برسم السنة الجامعية الحالية، أزيد من ألف طالب يتابعون دراستهم بكل من وجدة، وفاس، وأكادير. وبعد أن نوه بتجربة تدريس اللغة والثقافة الأمازيغيتين داخل المدرسة والجامعة، سجل بوكوس بالمقابل أن تعميم تدريس هذه اللغة لم يشمل بعد كامل التراب الوطني، وأن الموارد البشرية ما تزال تعرف عجزا، خصوصا على مستوى المؤطرين والمفتشين. واكد أحمد بوكوس خلال الندوة على أهمية إطلاق القناة الأمازيغية والشراكات، التي تربط المعهد بعدد من المؤسسات والجمعيات، التي تعنى بالنهوض بالثقافة الأمازيغية، وكذا بالمكاسب الحقوقية، التي تحققت للمهتمين بالشأن الأمازيغي، مشيرا إلى أن المغرب أصبح، بالنظر إلى هذه الاعتبارات، يحتل مكانة متقدمة في مصاف البلدان، التي تعرف دينامية كبيرة في مجال التعدد اللغوي والثقافي. وفي هذا السياق، شدد بوكوس على أن المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية «سيسهم في التصدي لبعض الطروحات، التي تشكك في الإرادة السياسية للمغرب والانخراط المجتمعي في مشروع النهوض بالأمازيغية»، مبرزا أن الخطاب الملكي السامي لأجدير يشكل «السند السياسي والقانوني لسياسة وطنية جديدة تؤسس لمفهوم متقدم للثقافة الوطنية المتعددة الروافد والمنفتحة على العالم المعاصر». وللإشارة فإن حفل تسليم الجوائز تميز بمشاركة العديد من القنانين الأمازيغ والذي عرف مشاركة كورال المعهد برأسة المايسترو بلعيد العكاف، ومجموعة إثران ميمون الرحموني، ومجموعة آيت علي أوسعيد بوضار، وأحواش إيمي نتانوت وإسمخان (تنغير)، ومجموعة كبيري حوسي.
* رشيدة إمرزيك
----------------------------------------------------------
بمناسبة اليوم العالمي للمدرس
 المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية يحتفي بعدد من الفعاليات في مجال تدريس الأمازيغية

احتفى المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، يوم 11اكتوبر الماضي بمقر المعهد، بمجموعة من الفعاليات التي ساهمت في تدعيم تدريس اللغة الأمازيغية والذين أسدوا خدمات جليلة لترسيخ تدريس الأمازيغية في النظام التربوي والنهوض بها لغة وثقافة. ويأتي هذا الاحتفاء، الذي ينظمه المعهد بمناسبة اليوم العالمي للمدرس الذي يصادف خامس أكتوبر من كل سنة، عرفانا بالمجهودات والتضحيات التي يقوم بها المدرس على الصعيد الوطني. وأكد عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية السيد أحمد بوكوس، في تصريح لوسائل الإعلام، على الدور النبيل الذي يضطلع به المدرس في بناء الأجيال الناشئة، وعلى صعوبة هذه المهنة، التي تتطلب الكثير من الدعم المالي والمعنوي والمواكبة. وأضاف السيد بوكوس أن المعهد دأب على تكريم فعاليات في مجال إرساء تدريس الأمازيغية وثقافتها، سواء على صعيد التعليم الابتدائي أو بالنسبة لمؤطري مسالك الدراسات الأمازيغية بالجامعات. وكرم المعهد الملكي بالمناسبة أحد قيدومي المهتمين بتدريس الأمازيغية في المغرب، الأستاذ عبد الرحمان بلوش، الذي درسها منذ سنة 1992 بمدينة تمارة وفي عدد من المؤسسات الخاصة بالرباط والدار البيضاء، كما درسها في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط (2000/ 2001) وبكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة الحسن الثاني في المحمدية (2009/ 2010)، وقام بتأطير عدد من الدورات التكوينية على الصعيد الوطني وعدد من الدروس داخل المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية للموظفين وللعموم والأطفال؛ وعلى صعيد التأليف ألف المحتفى به عدداً من الحوامل الديداديكتية والوثائق التربوية، كما ترجم إلى الأمازيغية العهد الدولي لحقوق الإنسان ومدونة الأسرة. ومن الجوائز التي حصل عليها في هذا المجال جائزة تدريس الأمازيغية التي سلمتها له الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي في 15 دجنبر 1996م. وهم التكريم أيضا الأستاذ عبد القادر نوميش، وهو من المدراء الأوائل الذين استوعبوا جيداً الأبعاد الفلسفية والغايات الكبرى لإدراج اللغة الأمازيغية في المنظومة التربوية الوطنية، إذ عمل، منذ انطلاق تدريسها بوصفه مديراً لمدرسة أسمارة الابتدائية، على ترجمة هذه الغايات، من خلال توفير العدة اللازمة، وإيجاد الظروف الملائمة لإنجاز الدروس وتجريب روائز التمكن، وتنظيم أنشطة إبداعية بالأمازيغية إلى جانب تنظيمه لحفل انطلاق توزيع مليون محفظة سنة 2008 والتي شارك فيها المعهد الملكي بـ 14.000 محفظة. كما تم تكريم الأستاذ عبد الإله عنفود، ويعتبر من المناضلين الذين استوعبوا أهمية تدريس اللغة الأمازيغية باكراً. وقد ظهر اهتمامه بهذه اللغة من خلال الأنشطة التي نظمها في إطار الجمعيتين اللتين اشتغل ويشتغل بهما؛ إذ لتعميق تدريس الأمازيغية بحرفها تيفيناغ، قام بتنظيم ورشات عديدة في هذا المجال، كما شارك في مهرجانات وطنية ودولية لموسيقى الطفل، حيث أطر أنشطة فنية أمازيغية، ونظم مخيمات للتلاميذ منذ سنة 1996 وساهم في إنتاج أول شريط لأناشيد الأطفال بالأمازيغية سنة 2005 بشراكة مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، كما أنتج أغاني للأطفال للإذاعة في برنامج إثران. (ضرورة التأكد من إنتاج هذا الشريط). وكرم المعهد أيضا سعيد أحرود ويعد من الرعيل الجديد الذي يهتم باللغة الأمازيغية وثقافتها سواء من خلال تدريسها في المدرسة العمومية أو من خلال الاهتمام بها في إطار الجمعية التي ينتمي إليها. ساهم في تأطير عدد من أعضاء ومنخرطي جمعيته في مجال اللغة الأمازيغية، كما ساهم في تأطير عدد من أساتذة هذه اللغة في مجال ديداكتيكها. عمل رئيساً للجنة تدريس اللغة الأمازيغية بالجمعية وتابع مشروع تدريسها على صعيد جهة طنجة. وهو الآن يشتغل أستاذاً متخصصا في تدريس اللغة الأمازيغية بمدرسة بنعجيبة بنفس المدينة. وقام المعهد كذلك بتكريم الحسن أخواض أحد المهتمين بتعليم اللغة الأمازيغية وثقافتها، ومن النشطاء الذين أعطوا كل اهتمامهم لمشروع تعليم اللغة الأمازيغية وثقافتها. هو صاحب مشروع أولمبياد تيفيناغ الذي تعهده منذ أن كان محلياً ورعاه إلى أن أصبح وطنياً. فقد أشرف على خمس دورات من دورات هذا الأولمبياد بأملن بتافراوت والذي كان من ثمراته أن أصدرت وزارة التربية الوطنية مذكرة تدعو فيها جميع الأكاديميات على الصعيد الوطني للمشاركة فيه. ونظراً إلى انخراطه الكلي في هذا المشروع فقد أشرف على دورتين من مسابقة الشعر الأمازيغي بمهرجان اللوز بنفس المدينة وعلى تنظيم عدد من ورشات «تيفيناغ» بالعديد من المهرجانات والملتقيات الثقافية. كما أنه نظراً إلى اهتمامه بتعليم الكبار فإنه نظم ورشات محو الأمية بالأمازيغية لنزيلات دار الطالبة برسموكة. كما ساهم في تقديم تجربة المقرر الحالي للثقافة الأمازيغية بإعدادية رسموكة و الذي كان من أنشطته تخليد ذكرى خطاب أجدير بهذه المؤسسة التربوية، و إنشاء نافورة أمازيغية بساحتها. وتم كريم أيضا عبد الوهاب بوشتارت وهو من النشطاء الذين اشتغلوا ويشتغلون في مجال تعليم اللغة الأمازيغية وثقافتها. يدرس اللغة الأمازيغية بالمعهد الفرنسي بأكادير منذ سنة 2001، ويعطى دروساً حول اللغة الأمازيغية وكتابتها ومعجمها لفائدة طلبة الماستر في اللغة والثقافة الأمازيغيتين بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير وكذا في مركز أساتذة التعليم الابتدائي بتارودانت وبعدد من الجمعيات الثقافية الأمازيغية، هذا إلى جانب تأطيره لتكوينات في جال تيفيناغ وتأليفه لـ 16 درساً وضعها تحت تصرف العموم في الموقع www.tawalt.com. ومن بين المكرمين كذلك السيدة أوكاور السعدية وتعتبر من النشيطات في مجال تعليم اللغة الأمازيغية، فهي بالإضافة إلى مشاركتها في عدة أعمال لها علاقة بالتكوين وببناء الحوامل الديداكتيكية وبالمعاجم الأساسية بكل من مركز التكوين – غاندي بالدار البيضاء وبمؤسسة B.M.C.E للتربية والبيئة وبمركز التكوين والملتقيات الوطنية بالرباط، وبنيابة أزيلال، شاركت أيضاً في إعداد قرص مدمج متعدد الوسائط بالأمازيغية (التعليم عن بعد) لفائدة وزارة التربية الوطنية (ترجمة وتسجيل)، كما أنها تُدرس الأمازيغية منذ خمس سنوات بالمدارس التابعة لمؤسسة B.M.C.E، تاغلفت.
---------------------------------------

من أجل «الحقيقة كل الحقيقة» في اغتيال المفكر والمناضل الأمازيغي بوجمعة هباز
مغتال بدون قبر؟

 
طالبت فعاليات ومنظمات أمازيغية بالكشف عن «الحقيقة كل الحقيقة» في اغتيال المفكر الأمازيغي الدكتور بوجمعة هباز، كان ذلك في أثناء مشاركتها في المسيرة الوطنية الرمزية المنظمة من طرف خمس منظمات حقوقية ، يوم الأحد 31 أكتوبر 2010 تحت شعار «من أجل تنفيذ التوصيات الصادرة عن هيئة الإنصاف والمصالحة» وكذا المشاركة في الوقفة الرمزية المنظمة يوم الجمعة 29 أكتوبر2010، ابتداءا من الساعة السادسة مساء أمام محطة القطار الرباط المدينة.

وكان كل من الكونكريس العالمي الأمازيغي ومنظمة تماينوت والمرصد الأمازيغي للحقوق والحريات بالإضافة إلى فعاليات أمازيغية، قد شاركوا في ذات الوقفة والمسيرة الرمزية، أدانت فيه بشدة اختطاف واغتيال المفكر الأمازيغي التقدمي صاحب «نظرية الثلث الأسطوري» بوجمعة هباز، داعية إلى الكشف عن «الحقيقة كل الحقيقة» بشأن هذا الملف وباقي الملفات المشابهة، كملف اغتيال زعيم جيش التحرير عباس لمساعدي في 27 يونيو 1956 وإلى تنفيذ التوصيات الصادرة عن هيئة الإنصاف والمصالحة. كما دعت الدولة المغربية إلى المصادقة على «الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الإختفاء القسري» والإلتزام بها. وكانت ذات المنظمات تتابع باهتمام كبير قضية الإختفاء القسري واللاإرادي والمختطفين مجهولي المصير التي يأتي على رأسها اختطاف واغتيال المفكر الأمازيغي بوجمعة هباز، من المنزل الكائن بالعنوان:57 زنقة ملوية بأكدال الرباط، وذلك منذ 19 أبريل 1981. « وبعد الوقوف على مستجدات الملف والمكانة التي حضي بها ضمن انشغالات الحركة الأمازيغية، وبعد التأكيد على الأهمية المرجعية لتوصيات الملتقيات والمؤتمرات الدولية المتعلقة بالإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان»، يقول ذات البيان. مستندة (المنظمات) إلى ما جاءت به اللائحة الأخيرة للمجلس الإستشاري لحقوق الإنسان المتضمنة ل «حالات تأكدت لجنة المتابعة من كون اختفاء أصحابها كان لأسباب سياسية»، ومن بينهم بوجمعة هباز، « تأكدت وفاتهم جميعا أثناء احتجازهم بمراكز مختلفة»، بعدما صنفته عام 2003 ضمن 13 مختطفا من مجهولي المصير والهوية من بين 112 من مجهولي المصير آنذاك وبقيت بعد ذلك 66 حالة عالقة، حسب ما جاء به التقرير النهائي لهيئة الإنصاف والمصالحة، بالإضافة إلى جاءت به مجموعة من التحقيقات الصحفية والكتابات في الموضوع( مؤلف مختطف بدون عنوان، وملف جريدة العالم الأمازيغي العدد 67 من تأليف وإعداد سعيد باجي)، «تتضح مسؤولية الدولة في هذا الإختطاف و»الوفاة تحت التعذيب»، على خلفيات سياسية وإيديولوجية ناتجة عن مواقفه الأمازيغية التقدمية التي تلخصها مقدمة أطروحته الجامعية التي ناقشها بجامعة السربون عام 1979 في موضوع «مقولة الجهة في الأمازيغية» التي يعرض فيها الإطار المرجعي لمشروعه المجتمعي اللساني الأمازيغي».

هذا وتؤكد المنظمات ذاتها على مناهضة الإفلات من العقاب وتشديد العقوبات في حال ارتكاب جريمة الإختفاء القسري وضمان استقلالية القضاء في ذات الموضوع، متشبثة بموقف الكشف عن الحقيقة وجبر أضرار ضحايا سنوات الرصاص ومتابعة الجلادين، والإعلان عن مدافن الضحايا وتبليغ عائلاتهم، وتسليم رفات المتوفين لذويهم بعد تحديد هويتهم وفق المعايير العلمية الجارية، وإجراء التحليلات الأنتروبولوجية والشرعية والجينية للتحديد القطعي لأسباب الوفاة، داعية الدولة إلى تلبية رغبة العائلات التي عينت مواقع قبور ذويها في نقل رفاته، وإطلاق سراح المختفين قسرا الذين ما زالوا على قيد الحياة، والكشف عن المقابر الجماعية لضحايا الإنتفاضات الشعبي، مع تحديد المسؤوليات الفردية والمؤسساتية عن هذه الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والتعجيل بإجراء جبر الاضرار التي لحقت العائلات والضحايا، من بينهم عائلة بوجمعة هباز، المتعلقة بالتعويض وضرورة استرجاع الممتلكات المصادرة من بعضهم موجهة دعوتها للمنظمات الحقوقية والأحزاب السياسية وفعاليات المجتمع المدني، إلى الإستمرار في دعم المطالب المشروعة لعائلات المختطفين مجهولي المصير وضحايا الإختفاء القسري والإنتفاضات الشعبية.

وبحلول 19 أبريل 2011، تكون قد مرت 29 سنة على اختطاف لمفكر الجامعي الأمازيغي بوجمعة هباز، هذا الأخير الذي لم يظهر له أثر منذ 1981. وبالرغم من ورود اسمه ضمن لوائح « المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان» الخاصة بالمختطفين المجهولي المصير، فإن « هيأة الإنصاف والمصالحة» - التي ترأسها الراحل إدريس بنزكري- أنهت أشغالها وقدمت تقريرها النهائي للسلطات العليا في 07 يناير 2004 دون فك خيوط الكثير من الملفات الحقوقية الخاصة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ومن ضمنها قضية بوجمعة هباز التي بقيت معلقة حتى إشعار آخر.

من يكون إذن بوجمعة هباز؟ ما هو الخطر الذي كانت الأجهزة الأمنية تعتقد أنه يشكله على النظام؟ ماذا عن الملابسات والظروف التي اختفى أو بالأحرى اختطف فيها بوجمعة هباز؟ ما هي التطورات والمستجدات التي عرفها ملف الكشف عن مصيره؟ أين الحقيقة في كل ذلك ؟

* سيرة حياة

يتحدر بوجمعة هباز من منطقة ورزازات حيث ازداد في قرية بوتازولت القريبة من منجم إيميني سنة 1943. تابع تعليمه في مرحلته الإبتدائية ببلدته وفي مرحلته الثانوية بثانوية محمد الخامس بمراكش، قبل أن يلتحق بمدرسة تكوين المعلمين بذات المدينة سنة 1961 والتي تخرج منها كمعلم للغة الفرنسية ليتم تعيينه بمنطقة إيمي ن تانوت. كان من ضمن زملائه في مركز التكوين كل من: المرحوم علي صدقي أزايكو ( أستاذ التاريخ والعضو السابق بالمجلس الإداري للمعهد الأمازيغي)، أحمد التوفيق ( وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية حاليا)، عبد الله بونفور ( أستاذ اللسانيات بالمعهد الوطني للغات والثقافات الشرقية بباريس والأستاذ السابق بالمعهد المولوي)، عبد الغني أبو العزم (عضو سابقا بحركة إلى الأمام والقيادي السابق بكل من منظمة العمل والحزب الاشتراكي الديمقراطي)، عبد الفاضل الغوالي ( المفتش الممتاز بوزارة التربية الوطنية) فيما كانت إدارة المدرسة موكولة للأستاذ عبد السلام ياسين (مؤسس وشيخ جماعة العدل والإحسان المحظورة).

في سنة 1965، التحق بوجمعة هباز بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، حيث حصل على شهادة الإجازة في اللغة الفرنسية والتي خولت له الاشتغال بثانوية مولاي يوسف بالرباط. بعد ذلك استفاد سنة 1973 من منحة دراسية بجامعة السوربون الفرنسية ضمن المنح المخصصة للبعثات العلمية المغربية قصد إعداد بحوث ودراسات أكاديمية في مجال اللسانيات. وتحت إشراف الباحثة الفرنسية دونيز فرانسوا، قام بإنجاز أطروحة لنيل دكتوراه السلك الثالث في إطار وحدة الدراسة والبحث في اللسانيات العامة والتطبيقية سنة 1979 في موضوع: « مقولة الجهة في الأمازيغية تاشلحيت المغرب، منطقة إيميني (مراكش- ورزازات)».

فور انتهاء رحلته الدراسية لباريس، عاد بوجمعة هباز إلى كلية الاداب بالرباط تنفيذا لعقد العمل الذي يربطه وإياها. وظلت الشهادات متضاربة حول ما إذا اشتغل موسم 1980-1981 أستاذا محاضرا في اللسانيات». فالأستاذ إبراهيم أخياط يورد في كتابه «رجالات العمل الأمازيغي» (2004) أنه « بعد رجوعه من فرنسا بدأ في ترتيب أموره ليعمل كموظف في إحدى المؤسسات اللغوية بالرباط باعتباره متخصصا في اللسانيات في انتظار أن يتمكن من الحصول على كرسي جامعي، ولم تمض على هذه الوضعية أيام وقبل أن يلتحق بعمله حتى أتى خبر فقدانه». غير أن ما هو مؤكد -وحسب ما هو متوفر من وثائق شخصية لدى العائلة- هو أن بوجمعة هباز قام بتجديد بطاقة تعريفه الوطنية بتاريخ 25 يوليوز 1980 وتحمل مهنة أستاذ محاضر بعد أن عين بهذه الصفة في 21 يناير 1980 من قبل وزارة التربية الوطنية وتكوين الأطر.

أسهم بوجمعة هباز في تأسيس الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي سنة 1967 مشاركا في تأطير الكثير من أنشطتها الإشعاعية في سلسلة من المدن المغربية: الرباط، مراكش، القنيطرة...وأشرف على إعداد المائدة المستديرة الخاصة باللغة في إطار الدورة الأولى للجامعة الصيفية بأكادير المنعقدة في غشت 1980. وبسبب ظروف معينة، فإنه لم يتمكن من المشاركة في هذه الدورة العلمية بالبحث الذي اختار له موضوع: «المقاربة النقدية للأشرطة المصورة الموجهة لشباب العالم الثالث».

ويحكي عنه الأستاذ إبراهيم أخياط قائلا: « كان بوجمعة هباز المناضل المفقود ضمن المجموعة التي تتكون من علي صدقي أزايكو وأحمد بوكوس والفاضل الغوالي وأحمد أكواو وعلي الجاوي وعبد الله بونفور وهؤلاء جميعهم كانوا طلبة بكلية الاداب والعلوم الإنسانية بالرباط التحقوا بنا نحن أخياط إبراهيم وعبد الله الجشتيمي وعلي بنور وعمر الخلفاوي حيث كنا نمارس محاربة الأمية سنة 1965 في صفوف التجار الصغار والعمال انذاك وأسسنا فيما بعد الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي وكان بوجمعة الهباز ضمن المكتب المؤسس للجمعية». ( كتاب رجالات العمل الأمازيغي، ص:33).

فضلا عن رسالته الجامعية المشار إليها، نشر بوجمعة هباز عددا من الدراسات المتخصصة في مجال اللسانيات بمجلة Traces التي أصدرها صديقه عبد الله بونفور نهاية السبعينات، من المحتمل كذلك أن تكون قد نشرت له كتابات في كل من مجلات ودوريات: أراتن، التبادل الثقافي، المناضل، أنفاس.

سياسيا، تشير بعض الشهادات إلى انتمائه لإحدى حركتي التيار الماركسي اللينيني: إلى الأمام، 23 مارس. إلا أن طابع السرية الذي يعرف به هذا التيار يجعل من الصعب التأكد من حقيقة هذا الانتماء، بيد أن ما هو مؤكد – وحسب تصريح صحافي سابق لصديقه عبد الغني أبو العزم- هو أن المعني كان متعاطفا مع حركة اليسار الماركسي اللينيني ولم يكن منتميا إليها تنظيميا، بل إن كل ما هنالك هو كون علاقة تقاسم الهم النضالي التي تربطه مع قيادات التنظيم إنما تعود إلى فترة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب.
 
* الفكر التقدمي التحرري للمغتال

بالاطلاع على أطروحة هباز، يمكن ببساطة تلمس الحمولة السياسية لها، فخلالها ابتكر مفهوم «الثلث الأسطوري» حيث يرى أن: «العالم الثالث تسمية خاطئة لما يسمى دول عدم الانحياز، لهذا نفضل كلمة «الثلث الأسطوري» لأن العالم الثالث لا وجود له في الواقع، وقد جعلوا منه أسطورة حقيقية: يدعي حكام دول عدم الانحياز أنهم يتبعون حلا ثالثا، ليس رأسماليا ولا شيوعيا. في حين أن هذا الحل لم يرد تاريخيا في القرن 20: لا خيار لدول عدم الانحياز سوى حل واحد: إما اتباع الاشتراكية مع تكييفها مع الوضعيات الخاصة والتخلي عن الرأسمالية، وبالتالي اتباع الحل الثالث (لا رأسمالية ولا شيوعية) يعني خلق أسطورة تخفي الصراع بين الرأسمالية والشيوعية في بلدان «الثلث الأسطوري» والذي هو قدر هذه البلدان» (مقدمة الأطروحة).

من جهة أولى، أسس هباز لأفكاره التقدمية سواء بالنسبة للمضمون التحرري لرسالته أو لباقي كتاباته عبر كتابات اعتبرت محرمة في ذلك الزمان لا سيما التي تخص: لينين، ماركس، ألبير كامي، فرانز فانون...بنفس القدر الذي بنى فيه بحثه على خلفيات ثقافية واجتماعية وإيديولوجية وبنيوية فوقية.

ومن جهة ثانية، دخل في جدل علمي مع ثلة من المستمزغين الفرنسيين Les berbèrisants خصوصا أولئك الذي اشتغلوا مع إدارة الحماية الفرنسية، ولا سيما أندريه باصي حين قال أن « الأمازيغية لم تنتج قط لغة حضارة»Le berbère n’a jamais fourni une langue de civilisation.

وشكلت أطروحته- بتضمنها للكثير من الحقائق التاريخية والسوسيولوجية المثيرة، وتناولها للجانب الشائك في الأمازيغية، ودحضه لأراء المستمزغين الفرنسيين خاصة العسكريين منهم العاملين في إدارة الحماية- بيانا سياسيا عاما حتى قيل أن الرجل بصدد الإعداد لثورة ثقافية بالمغرب، وبصدد الإساءة لتاريخ العلاقات المغربية الفرنسية.

* اختطاف وشاهد
منذ أبريل 1981، لم يظهر أثر لبوجمعة هباز. صديقه عبد اللطيف المهتدي ( صحفي بالتلفزة المغربية طرد من عمله لعلاقته بالهباز) كان آخر من رآه. وهو يروي في تقرير مفصل رفعه إلى هيئة الإنصاف والمصالحة تفاصيل اختطاف المعني من قبل المخابرات المغربية من شقته بحي أكدال الراقي. كما أن الممرضين العاملين بمستشفى ابن سينا بالرباط سبق له في إحدى شهاداتها أن أفاد بأن بوجمعة هباز سبق له أن جيء به إلى نفس المستشفى وهو مكسور العظام ومطلى بالدماء.
فهل سيتحرك المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان لكشف مصير بوجمعة هباز وغيره من المختطفين المجهولي المصير ؟
 
* أفكار المغتال بوجمعة هباز في سطور

* النهضة بالنسبة للمستعمرين وثقافتهم تعني لنا تدمير المستعمرات بالأسلحة وباستغلال الشعوب المستعمرة وثرواتها وأراضيها.

* اللغة ليست فقط وسيلة للتواصل، إنها كذلك وسيلة لأدلجة الطبقات والشعوب والإثنيات والأمة.

* اللغة تصلح للهيمنة الإيديولوجية من أجل استغلال الإنسان للإنسان، كما تصلح للتحرر الإيديولوجي من أجل ألا يستغل الإنسان إنسان اخر.

* على الباحث المحلي أن يتحمل مسؤولية وواجب إعادة التفكير في النظريات اللسانية وإزاحتها عن المركز وقلب هذه النظريات وخلفياتها الإيديولوجية الموروثة من النحويين الاستعماريين ومعالجة اختلافه في اتجاه النضال من أجل التحرر الوطني الثقافي والإيديولوجي للجماهير الشعبية.

* تعد معرفة لغة المستعمر من بين الأسلحة الناجعة التي يستعملها المستعمر: معرفة لغة الاخر تعني امتلاكه ثم مثاقفته ونكران لغته وفرض لغة أخرى له، وهذه الظاهرة اللغوية تسمى الابتلاع.
* سعيد باجي